معالجة المشاكل السلوكية لدى الأطفال من 3 إلى 6 سنوات
تشكل المشاكل السلوكية لدى الأطفال من سن 3 إلى 6 سنوات تحديًا متزايدًا في مؤسسات التعليم الأولي، إذ تؤثر على النمو النفسي والاجتماعي والمهارات التعليمية. تتنوع هذه المشاكل ما بين اضطرابات القلق، العدوانية، المشكلات المتعلقة بالنوم، والصعوبات في التنظيم الذاتي؛ مما يحتم العمل على تبني استراتيجيات تدخل مبكرة وشاملة للتعامل معها. يستعرض هذا البحث النتائج العلمية المستقاة من عدة دراسات تتناول السلوكيات لدى الأطفال في مرحلة ما قبل التعليم واستراتيجيات معالجتها عبر استخدام طرق علاجية متنوعة مثل العلاج باللعب، التدخل الثنائي بين الطفل ومقدم الرعاية، والأساليب الطبيعية التنموية السلوكية49. كما يسلط البحث الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه المربيات والمعلمون في الكشف المبكر عن المشاكل وتطبيق الأساليب العلاجية المناسبة.
المشاكل السلوكية عند الأطفال في مرحلة ما قبل التعليم تشمل المشاكل السلوكية الشائعة ما يلي:
اضطرابات القلق والتوتر: يظهر الأطفال مستويات عالية من القلق والرهاب في بعض الحالات، وقد ترتبط هذه المشكلات بوجود تاريخ عائلي لأمراض طيف التوحد أو مشكلات تنموية أخرى. العدوانية والسلوك التمردي: يتمثل ذلك في التصرفات العدوانية التي قد تخرج عن السيطرة، كما أن ظهور تثاؤب أو تغييرات مزاجية مفاجئة قد تكون مؤشرات على مشاكل سلوكية أخرى. مشكلات النوم: تعتبر اضطرابات النوم من العوامل المؤثرة سلبًا على الأداء السلوكي؛ إذ تساهم في زيادة مستويات التهيج وعدم الاستقرار. صعوبة التنظيم الذاتي والتعامل مع التوتر: يعاني بعض الأطفال من ضعف في تنظيم انفعالاتهم، مما يؤدي إلى انفعالات غير متوقعة وسلوكيات غير مناسبة في بيئة المدرسة. تشير الدراسات إلى أن حوالي 22% من الأخوة الذين هم في مرحلة الخطر العالي (أي الذين لديهم تاريخ عائلي لاضطرابات التوحد) يظهرون سلوكيات أو مشكلات نوم تقترب من المستوى السريري، مما يؤكد أهمية المراقبة المستمرة للأطفال الذين ينتمون إلى هذه الفئة.
العوامل المساهمة في ظهور هذه المشاكل تلعب عدة عوامل مؤثرة دورًا في تفشي المشاكل السلوكية عند الأطفال، منها:
العوامل الوراثية والعائلية: وجد الباحثون أن وجود تاريخ عائلي لاضطرابات طيف التوحد وغيرها من الاضطرابات التنموية قد يزيد من احتمالية ظهور سلوكيات مثل القلق والعدوانية لدى الأطفال.
العوامل التنموية والبيئية: يعتبر التطور العصبي والاختلاف في مراحل النضج الذهني أحد الأسباب التي تفسر ظهور اختلافات في السلوك بين الأطفال. كما أن ضغوط البيئة المدرسية والمنزلية تؤثر في كيفية تعامل الطفل مع التوتر والضغوط.
عوامل النوم: تشير الدراسات إلى أن حوالي 25% من الأطفال يواجهون مشكلات نوم خلال سنوات الطفولة المبكرة، وهذه الاضطرابات قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات السلوكية والاضطرابات في التنظيم الذاتي.
استراتيجيات المعالجة والتدخل السلوكي
يعتبر الكشف المبكر عن المشاكل السلوكية والتدخل العلاجي المناسب من أهم الخطوات لتحقيق نتائج علاجية فعالة. تعتمد الاستراتيجيات الحالية على عدة محاور منها العلاج باللعب والتدخلات الثنائية التي تركز على العلاقة بين الطفل ومقدم الرعاية. وفيما يلي نستعرض أهم الاستراتيجيات:
العلاج باللعب والأدوار التوراتية يلعب العلاج باللعب دوراً حيوياً في مساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وإطلاق التوتراتية. وقد أظهرت الدراسات أن استخدام أسلوب اللعب العلاجي خلال إجراءات مثل التطعيم يقلل من مظاهر القلق والانزعاج لدى الأطفال4. على سبيل المثال، لوحظ أن الأطفال الذين شاركوا في جلسات اللعب التمهيدية قبل التطعيم أظهروا تعاوناً أكبر وبقاوة هادئة خلال الإجراء، بالمقارنة مع الأطفال الذين لم يخضعوا لنفس نوع التحضير.
تُعتبر أساليب العلاج باللعب فعالة بصورة خاصة في الفئة العمرية 3-6 سنوات، إذ أنها تتيح المجال للطفل للتواصل الحر والتعبير عن ذاته دون الحاجة إلى اللغة المعقدة، مما يسهم في تخفيف الأعراض السلوكية.
العلاجات الثنائية والتدخل القائم على العلاقة تُعد العلاجات الثنائية من الاستراتيجيات الفعالة التي تعزز العلاقة بين الطفل ومقدم الرعاية، مما يساهم في تقليل التوتر وتحسين التفاعل الاجتماعي. من بين هذه العلاجات:
العلاج النفسي الثنائي بين الطفل والوالد (CPP): يهدف إلى تحسين العلاقة العاطفية بين الطفل ومقدم الرعاية، خاصةً في الحالات التي تعاني من الصدمات أو اضطرابات التعلق.
العلاج السلوكي التفاعلي بين الوالد والطفل (PCIT): يستهدف تعديل السلوكيات العدوانية والتحديات السلوكية من خلال تعزيز التواصل العاطفي وتقديم استراتيجيات تفاعلية مناسبة من قبل الوالد/مقدم الرعاية.
العلاج المركب باستخدام العلاج المعرفي السلوكي الموجه للطفل (TF-CBT): يُستخدم بشكل رئيسي للأطفال الذين تعرضوا لتجارب صادمة، ويشارك فيه الوالد غير المعتدي لتقديم الدعم النفسي وإعادة تأطير التجارب الصادمة.
تمتاز هذه الأساليب بكونها تُراعي الاختلافات الفردية بين الأطفال كما أنها تؤكد على ضرورة تواجد مقدم الرعاية في العملية العلاجية، مما يعزز من الاستجابة الإيجابية للعلاج.
أساليب التدخل الطبيعي التنموي السلوكي (NDBIs) تقوم أساليب التدخل الطبيعي التنموي السلوكي على دمج المبادئ السلوكية مع المبادئ التنموية، وتتم من خلال جلسات علاجية تجري في بيئات طبيعية مثل المنزل أو روضات الأطفال. تعتمد هذه الطرق على منح الطفل دورًا فاعلًا ضمن السياق العلاجي واستخدام المكافآت الطبيعية، مما يُسهم في تعزيز التعلم الذاتي وتنظيم السلوك.
ومن أهم مكونات هذه الأساليب:
إعطاء الطفل الفرصة لبدء الحلقة العلاجية بنفسه من خلال اختيار النشاط المناسب
استخدام المكافآت الطبيعية المعتمدة على المواقف الحقيقية التي يواجهها الطفل
التركيز على تكامل المهارات الاجتماعية واللغوية والمعرفية بشكل مشترك
تطبيق التدخلات مع مراعاة مستوى النضج التنموي للطفل
المصدر: د.فاطمة أبوياسين
اقتراح أكاديمية نور
ننصحكم بالإنظمام إلى أكاديمية نور للتدريب و الإستشارات حيث تقدم دورةمربي متخصص في التعليم الأولي لتطوير مهاراتكم التعليمية وتحقيق أهدافكم المهنية بكل ثقة ونجاح.